التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإلحاد دين

تجولت كثيرآ على صفحات الملحدين أو ما يزعمون بقولهم انهم لا دينيون، والذي أزداد نشاطهم مع وفاة نبيهم العلامة ستيفن ويليام هوكينج (Stephen William Hawking) المتخصص في الفيزياء الكونية والذي عكف على دراسة الثقوب السوداء.
ستيفن عانى من حالة ضمور في الأعصاب وتخشب جسمه ولكنه أطلق عقله في الفضاء البعيد في محاولة لايجاد تفسير لطبيعة الكون وفي نفس الوقت للانتقام من الإله، ذلك الذي حوله لجثة هامدة وهو حي يرزق.

المهمة المستحيلة

المهمة المستحيلة هي محاولة نفي وجود "إله" لأن قضية الإلحاد هي قضية لا منطقية؛ فأبسط مبادئ المنطق تقوم على مبداء المرجحات فكل ما في الوجود يشير لوجود خالق ولو على سبيل الترجيح بينما لا وجود لأي مرجح لعدم وجود خالق فالوجود ذاته مرجح لوجود موجد .
 قضية البحث عن وجود "إله" من عدم وجودة هي عملية غير منطقيه نظراً لعدم وجود متكافئات ترجح بين الخيارين، لذى فقد استقر في وجدان كل بشري عبر التاريخ منذ البداية وإلى آخر انسان أن هناك إله وخالق وأكبر إثبات لوجود خالق هم الملحدين ذاتهم إذ لو لم يستقر في وجدانهم وجود إله لما سعوا اصلاً لمحاولة إثبات أن لا وجود لإله.
الجميع يؤمن بوجود إله ولكن الجميع ايضاً يختلفون في تعريف ذلك الإله، ستيفن هوكينز عرّف الإله بأنه الجاذبية وقبله بآلاف السنين وقف انسان بدائي ليقول للكواكب والقمر والشمس هذا ربي! فلما أفلت قال لا أحب الآفلين. وتعددت توصيفات الإله بين من يقول أن الطبيعة هي الخالق وبين من يقول أن الصدفه هي ربنا. أذاً نقطة الخلاف الرئيسة بين البشر ليست حول وجود الخالق من عدمه بل حول تعريف طبيعة ذلك الخالق، صفاته، وماذا يريد؟! وهل هو عاقل أم جماد؟! ساكن بلا إرادة أو عقل، وخلق بالصدفة من يملكون الإرادة والعقل.
أكثر الموحدين إلحادً هم المسلمين وعلماء السلف الصالح والفقهاء والمتكلمون، فطوال 1400 سنه هربوا من معرفة الله وما يترتب على معرفته من استحقاقات إلى محاولة إثبات المثبت وتفسير الماء بعد الجهد بالماء ، كل كتبهم وكل جهودهم وعلم كلامهم وكتب توحيدهم كانت تدل على أخطر عملية إلحاد عرفتها البشرية وهي قلب المنطق ومحاولة إثبات المثبت ، الملحدون الحداثيون يحاولون نفي المثبت هم أقل إلحاداً من المسلمين الذين يحاولون إثبات وجود الله والاستدلال على وجوده وبالتالي طرح مسألة وجود الله محل جدل ومجرد أن تحاول إثبات شئ يعني أنه محل شك فالملحد الحداثي إلحاده محل شك والارجح أنه مؤمن والمسلم ايمانه محل شك والأرجح انه ملحد! من خلال الاستعراض السابق نصل إلى استنتاج أن الإلحاد فكرة غير منطقية وأن الإلحاد هو ديانة وثنية لا تختلف عن بقية الديانات الوثنية الباطلة من حيث الفكرة الأساسية فالاختلاف فقط في المسميات فديانة تعتبر البقرة إله وديانة تعتبر المسيح إله وديانة تعتبر الشاب الامرد الذي يملك سرير او كرسي أو عرش كبير إله وديانة تعتبر الطبيعة إله ...الخ حتى في أشد حالات الإلحاد تطرف وهي حالة عدم الإيمان بأن هناك خالق سواء واعي صاحب إرادة أو جماد خلق كل شئ نتيجة خصائصه الذاتية (كدعوى أن الجاذبية هي من أوجدت العالم والتي اطلقها عالم الفيزياء الكونية ستيفن هوبكنز) ، حتى في هذه الحالة يظل الإنسان يعبد شئ ما إذا لا انفكاك من قضية العبودية ففي حالة الإلحاد المطلق يصبح الإنسان هو الإله فيعبد نفسه لأنه يصبح صاحب الإرادة المطلقة وهذه الإرادة مرتبطة بقضية الشهوة وإلهوى فيصبح إلهوى هو الإله. وبما أنه لا انفكاك من فكرة العبودية وحتميت وجود إله هنا يبداء البحث عن من هو الإله الحقيقي وماهي صفاته وهل يكمن أن يكون للكون آلهة متعددة؟! من حيث المبداء الكون واحد من حيث البنية الأساسية والنسيج الكوني الرابط بين كل مكوناته من مكونات نواة الذرة إلى المجرات والأكوان الموازية؛ وبالتالي من البداهه القول أن هناك إله واحد وموجد واحد لهذا الكون. ننتقل آلان لمناقشة هل هذه الإله واعي ويمتلك إرادة أم جماد خصائصه الذاتية هي من أوجدت الكون؟ الفرضية الثانية أن الخالق هو جماد بلا وعي ولا إرادة تنصدم مع المنطق وكل العلوم الطبيعية من الرياضيات إلى الأحياء والفيزياء القديمة والحديثة والكيمياء. _ففي الكيمياء وقوانيين الثيرمو ديناميك والتي تثبت أن الكون عبارة عن محرك عملاق يمتلك مخزون ثابت من الطاقة التي لا تفنى والتي تنتقل من الحالة النظامية إلى حالة الفوضى عبر الانحلال وهو ما سيؤدي في النهاية إلى موت الكون (تخيل الكون قلص من الشاي مع الوقت يبرد تدريجياً حتى تنتهي حرارته). _وفي الفيزياء (الكمية) أن الزمان والمكان مخلوقين وليسا سرمديان. ناهيكم عن التأمل البصري البسيط في كل شئ، فقط تأمل أي سمكه زينة وقل اذا كانت وليدة صدفة فمن الفنان الذي خلق تناسق ألوانها ورسمها بهذا الشكل البديع؟ إذا شئ له بداية ونهاية وبديع في تفاصيله ومعجز عن ادراك كنهه فخالقه يملك الوعي والإرادة. هنا تبداء إشكالية مختلف الأديان فنحن أمام إرادتان إرادة عليا لخالق هذا الكون وإرادة صغرى للكائن البشري، أي إرادة هي النافذة؟ هنا المنطق يقول إن الإرادة الأقوى الخالقه هي الإرادة النافذة لأن إرادة الإنسان إرادة مرتبطة بضعف ومحدوية العلم وتحكم الجزء الحيواني بالإنسان في توجيه الإرادة لذى فالإنسان ظلوم جهول. . في الحلقة القادمة نقدم رويات أبرز الديانات لفلسفة الخلق وإشكالية الإرادات بين إرادة الخالق واردة الإنسان، لمعرفة الدين الحق ولماذا نحتاج لدين . *حاولت قدر الإمكان التبسيط بس شكلي مقدرتش فالمعذرة وكل ما سبق وماسيلحق ليس لإثبات وجود إله فهذه مسألة مسلم بها حتى لدى الملحد ولكن لمعرفة من هو الإله وما صفاته وماذا يريد. وصلنا في الحلقتين السابقتين إلى حقيقة لا منطقية الإلحاد وأن للوجود موجد يملك وعي وإرادة ، وبالتالي فله صفات فلكل إرادة صفات تتصف بها، مثلآ انت صاحب إرادة تتصف إرادتك بالضعف والقصور نتيجة خوفك وقلة معرفتك والدليل على ذالك هو واقع أفعالك. بالمثل فوقع الكون والوجود (الوجود أكبر وأشمل من الكون) يدل على صفات موجد الوجود وخالق الكون. بالتأمل في هذا الملكوت وأعمال الفكر والعقل وقواعد المنطق ستصل لمجمل صفات الخالق ، فعظم الكون يدل على عظمة الخالق ودقة الكون تدل على علم الخالق وعدم وجود تفاوت أو خلل يدل على حكمة الخالق، المقاييس الدقيقة ودورة الحياة الطبيعية تدل على رحمة الخالق بالمخلوقات ، وهكذا تتولد معرفة الصفات بتأمل خلق الخالق ....إلخ. هنا يمكن التفكير بالاستعانة بالتأمل لمعرفة فلسفة الوجود. أي لماذا أوجد الخالق هذا الوجود ؟ من الصعب الوصول للإجابة على هذا السؤال بدون افتراض العكس أي ماذا لو لم يخلق الخالق شئ وظل ساكن ؟ لوحدث ذالك لنعدمت صفاته فكيف هو خالق ولم يخلق شئ وكيف هو عظيم ولم تتجلى عظمتة وهكذا تنعدم كل الصفات وبانعدام الصفات تنعدم الأرادة وبأنعدام الإرادة ينعدم وجود الخالق . اذآ الوجود هو نتاج الإرادة التي تمتلك الصفات وهو الترجمة والتجلي لأرادة الخالق وصفاته، أي أن الوجود هو مرآة أو ظل الخالق والأثر المترتب على إرادته وصفاته .
أذآ هناك خالق ووجود تتجلى فيه صفاته وإرادته ولكن هذا الوجود بدون وجود شاهد واعي عاقل حر يشهد العظمة ويلمس الحكمة ويستشعر الرحمة ويسبح ويعظم الخالق ، بلا هذا الشاهد الواعي لما حوله والذي يملك العقل وهو حر في شهادته؛ فإن الوجود والخالق بحكم العدم لأنعدام الشاهد. من هنا يتحتم وجود مخلوقات واعية تتجلى فيها صفات الخالق وتشهد له بصفاته. وبما أن الوجود أوسع من الكون ونتيجة إنعدام أي صورة ذهنيه أو القدرة على تلمس كل أبعاد الوجود ، فإن حدود قدرتنا العقلية المرتبطة بأدواتنا الحسيه (السمع والبصر والشم والإحساس ومركز التحليل المسمى عقل) فإن المتاح للتأمل هو كوننا الذي نعيش فيه والذي تختلف النظريات حول نشوئه هل من العدم حدث الانفجار الكبير الذي ولد الكون أم أن كوننا هو نتاج اصطدام كونيين آخرين أو نتيجة حدوث انقسام لكون آخر كبير. كوننا مكون من وجهين الأول المادة والثاني الطاقة، (المادة قد تتحرر وتتحول لطاقة والطاقة قد تختزل وتتحول لمادة). أذآ لكل وجه من أوجه كوننا سيكون هناك ممثل أو مصطفى أصفاه الخالق ليكون الشاهد العاقل الحر ، فمن الطاقة هناك كائنات عاقلة واعيه تمثل عنصرها الغير واعي ، ومن المادة هناك كائن عاقل حر واعي يمثل عنصر المادة الغير واعي. هنا تتضح ملامح فلسفة الوجود وتبداء مرحلة أي الروايات الدينية تتسق مع فلسفة الوجود وبالتالي تكون حقآ هي الديانة الحق والتي بالتأكيد هي نتاج وحى أو معرفة وهبها الخالق لخلقه . وهذا ما سنبحثه في الحلقة القادمة (كان يفترض في هذه الحلقة مناقشة الروايات الدينية ولكنني ارتأيت أن شرح فلسفة الوجود سيسهل في عملية إجراء دراسة مقارنة بين مختلف الرويات الدينية لمعرفة الدين الحق )*** #الإلحاد_كدين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مؤلفات عبدالرزاق الجبران ( PDF )

عبد الرازق الجبران مؤسس مجلة الوعي المعاصر في مهجره دمشق بعد ظهور كتابه الأهم جمهورية النبي/عودة وجودية ظهرت معه خطى تمردية مفاجئة، وتمرده التام على الكهنوت الديني والنسق التنويري البارد، باتجاه مغاير تماما لكل وجهات الإصلاح الديني باعتماده الحل الوجودي للدين في منهجه المعرفي..وبقناعة ان التزوير لاح كل التراث بيد الكاهن....تغير معه الفقه إلى احكام مغايرة تماما لما هو مألوف.

خرافة عذاب القبر

بقلم : ياسين ديناربوس كنت فيما مضى كلما أطلقت العنان لخيالي متصورا الاحداث المسرحية لخرافة عذاب القبر التي يسردها شيوخ الكهنوت، أتوقف عند بعض الاسئلة: لماذا يطلقون على ذلك الثعبان الخرافي وصف الثعبان الاقرع؟  هل هناك ثعبان أقرع وآخر أجلع وثالث كثيف الشعر؟  إن كل الثعابين لا توجد شعرة واحدة على رؤوسها!

هل كل ما في الصحيحين صحيح؟

بقلم: حسين العزاني السؤال هل كل ما في الصحيحين صحيح؟ الجواب: ليس كل ما في الصحيحين صحيح أولا / قال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) سورة النساء. فالله تعالى حكم أنه لا يوجد كتاب لا اختلاف فيه إلا كتابه (القرآن الكريم) فهل يجرؤ أحد ويقول يا رب بلى هناك كتاب لا اختلاف فيه !! حاشا وكلا ثانيا / البخاري رحمه الله لم يقل إن كل ما في كتابه صحيح بالمطلق بل قال إن كل ما في كتابه صحيح على شرطه. ولذلك انتقى صحيحه وعدد أحاديثه ستة ألف حديث بالمكرر (6000) تقريبا انتقاها من ست مائة ألف حديث (600000) كما ذكر ذلك ابن حجر في هدي الساري فهل نقول إن البخاري رد السنة لأنه رد أكثر من خمس مائة ألف حديث (500000) ؟!! ولو عاش البخاري أكثر لأدخل في صحيحة أحاديث وأخرج أخرى فما قام به جهد بشري لا يخلو من خطأ. ثالثا / شرط البخاري: اللقيا أي أن يثبت لقاء كل راوي لشيخه. المعاصرة أي أن يعاصر كل راوي شيخه بمعنى يكونا في جيل واحد. وشرط مسلم بن الحجاج رحمه الله صا