التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تغييب العقل ما بين السنة والشيعة

بقلم: حسين ابو العسل
عندما غزت اليابان الصين اتاحت الافيون للشعب بأسعار شبه مجانية كجزء من سياسة تغييب العقل التي استخدمتها لإحكام السيطرة

وهكذا فقد إنتهجت الانظمة العربية منذ عقود سياسة تغييب العقل من خلال استخدام كل وسائل التخدير العقلي وعلى رأسها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة, إضافة الى إحكام السيطرة على التربية والتعليم وإيهام العامة في المجتمعات العربية أن الجميع عدوٌ لكم ويتربص بكم, ومن ثم العزف على اوتار الطائفية والعنصرية بتوهيم كل جماعة انها الصفوه المختارة بينما الجماعات الأخرى شيء منبوذ لابد التخلص منه, وقد تعدى الأمر لدرجة الخلط الايديولوجي بين مفهوم الدين والمذهب والقومية: فالاسلام واليهودية والمسيحية هي أديان سماوية يتم من خلال التعبد والتقرب الى الله ولاتشكل هذه الأديان أي قومية من قوميات الشعوب, بينما العلمانية و الليبرالية والرأسمالية منهج عمل يتم تطبيقه في أي دولة تريد تطبيقة وليس له علاقة بالدين.


ولإدراك خطورة الامر فانهم يمتلكون مجموعة القنوات التي تلقنكم تعاليم الدين بنفس الوقت يمتلكون مجموعة القنوات الخلاعية, ومن بين هذا التناقض فهم يسيطرون على ادق التفاصيل في عقولكم ليسيطروا على ادق تفاصيل حياتكم

إننا الآن تماماً كأوروبا في عصورها الوسطى عندما حاول (وليَم تندل) ترجمة الكتاب المقدس الى اللغة الانجليزية ليقرأه عامة الناس والتخلص من تلقي المعلومات من الكهنة الذين أظلوا الناس عقودا طويلة وقد قال تندل (إن أبقانى الله فى الوجود فسأجعل الصبى الذى يمشى خلف المحراث فى إنجلترا يعرف فى الكتاب المقدس أكثر مما يعرف البابا) لذلك تم اعدامة بوضعة على الخازوق ومن ثم احراقة ... تماما كما وضعوا هذه الشعوب العربية البائسة على الخازوق الى حين احراقها

ببساطة إنهم لا يسمحون لك ان تعيش كما ينبغي لك أن تعيش لأن الكهنة في كل الاديان أكثر ما يزعجهم هو أن يستقل الناس في فهمهم للدين وجوهره بل في فهمهم للحياة وجوهرها, فالدين يحتكر على طريقتهم وممنوع بتاتا التكلم في امور الدين وتعليم الناس إن لم تكن من السلك الكهنوتي, فالجميع بنظرهم نكره ولا يستحقون الحياة, لكن ما غاب عن ذهنهم اننا اصبحنا في عصر سرعة الحصول على المعلومات والتي نستطيع من خلالها الإطلاع على الوجه الآخر للحياة ومن ثم البدء بالمقارنة

إذاً كفانا خطابا للعواطف ... و دعونا نخاطب العقل ولو مره, تجرأوا على استخدام عقولكم, كونوا مستقلين لتعرفوا من أنتم وماذا تريدون

بتنا نعيش الآن في بلدان لا يوجد فيها سوى الكُره والحقد والقتل بلا ثمن والخوف الذي يؤدي لمزيد من الإنحطاط, و التعامل مع البشر كحيوانات بل أدنى قليلاً, لقد أضحى التعصب ومحاولة الحفاظ على الهوية الطائفية مظهراً من مظاهر العنف والدكتاتورية التي نشرت ثقافة طاعة الحاكم حتى وان كان ظالما, والتي تبناها الكثير من علماء الدين في العالم العربي سنة وشيعة, بل غالوا في ذلك الى درجة نزاهة وعصمة هؤولاء المشايخ وكأنهم أنبياء بل آلهه في كثير من الأحيان, أما بقية الشعب فهم عبارة عن رعاع لا يحق لهم العيش كباقي المجتمعات الأخرى, لا يحق لأطفالهم أن يكونوا كالأطفال ولا لنسائهم أن يعشن بسلام, بل كتب عليهم العيش في بحر من الدماء والنوم على أصوات القذائف, كتب عليهم التشرد والخوف من المجهول

ولكي أكون أكثر وضوحاً فإن السنة والشيعة هما حزبان سياسيان أكثر من كونهما طائفتان اسلاميتان, و إن المرجعيات السنية والشيعية في الوقت الحاضر تدفع بجموع البسطاء الى جهنم, و للحفاظ على عروش أسيادهم أعتبرت هذه المرجعيات الكهنوتية أن الديمقراطية هي نوع من الشرك لانها مستورده من العالم الغربي, بينما برروا لانفسهم العنف بالوصول الى السلطة, مع أن الاسلام قوته في رحمانيتة وليس في تكفيره للآخرين واستحلال دمائهم, فالأصل في الدين أن الكل يؤخذ منه ويرد علية إلا رسول الله صلى الله علية وسلم, لذلك فنحن نرد عليهم كل ما جاء منهم, لأن الاسلام دين متكامل ولا يوجد في القران نظام دستوري, وهذا النظام الدستوري أوكله الله للبشر وأمرهم بتطبيق الشورى فيما بينهم وحسب ظروف كل بلد, لكننا مازلنا بعد 1400 عام متمسكين بالجاهلية الأولى, لقد أصر وعاظ السلاطين على تطبيق تلك الجاهلية مبررين دكتاتوريتهم بربطها بالدين بخيوط هشة ليس لها إسناد

وبسبب خوف الطغاة على عروشهم وأرصدتهم البنكية قاموا بإشعال ثورة مضاده لما كان يسمى بالربيع العربي وإشعال فتيل الطائفية والعنصرية كلما انظفأت ناره, وتوسيع دائرة الخلافات والتكفير العلني عبر الفضائيات واستئجار من يسمونهم رجال دين وماهم إلا أيادي خبيثة لا تريد الخير بهذه الامة والحث المتواصل على قتل الابرياء, انهم يرفضون الديمقراطية بكل صورها ويرفضون الاعتراف بالآخر لمجرد انه خارج سلكهم الكهنوتي, وقد رأينا بعض الدول العربية التي أسقطت الجنسية عن بعض المفكرين الذين طالبوا بالديمقراطية في اوطانهم, فأين هي الكرامة والعزه مقابل ناطحات السحاب في عواصمكم

يقول تعالى " إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون " إذاً فالأولى نبذ العنصرية و الطائفية والاقليمية الضيقة و الإنصراف لبناء الامة وتقدمها علميا وزراعيا وصناعيا

لذلك اتمنى منكم جميعا ايها الفيسبوكيون, ايها المتعبدون, الى من يضع نفسة طوعا او كراهيه في خندق الاقليمية والطائفية أن تحددوا من أنتم وأين أنتم, أن تستخدموا عقولكم دون تبعية, أن تكونوا مستقلين بفكركم, لانكم في زمن الأعور الدجال وسوف تسألون عن كل قطرة دماء أريقت, عن كل روح نزيهه أزهقت بلا ثمن, فلا تجعلوها في رقابكم كما هي في رقاب السلاطين وعلمائهم

ولا أقول في نهاية هذه الأسطر سوى حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله يا من أشعلتم فتيل الطائفية في العراق
يا من تبنيتم القتل والتشريد في سوريا
يا من وئدتم خطواتنا الأولى نحو الحرية
يامن تصنفون البشر حسب شهواتكم
حسبنا الله إنكم تجرون المنطقة الى حرب عالمية ثالثة باتت أجراسها تقرع

تنزيل المقالة بصيغة PDF ..
https://app.box.com/s/71nupypy626r9bq7agxn

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مؤلفات عبدالرزاق الجبران ( PDF )

عبد الرازق الجبران مؤسس مجلة الوعي المعاصر في مهجره دمشق بعد ظهور كتابه الأهم جمهورية النبي/عودة وجودية ظهرت معه خطى تمردية مفاجئة، وتمرده التام على الكهنوت الديني والنسق التنويري البارد، باتجاه مغاير تماما لكل وجهات الإصلاح الديني باعتماده الحل الوجودي للدين في منهجه المعرفي..وبقناعة ان التزوير لاح كل التراث بيد الكاهن....تغير معه الفقه إلى احكام مغايرة تماما لما هو مألوف.

خرافة عذاب القبر

بقلم : ياسين ديناربوس كنت فيما مضى كلما أطلقت العنان لخيالي متصورا الاحداث المسرحية لخرافة عذاب القبر التي يسردها شيوخ الكهنوت، أتوقف عند بعض الاسئلة: لماذا يطلقون على ذلك الثعبان الخرافي وصف الثعبان الاقرع؟  هل هناك ثعبان أقرع وآخر أجلع وثالث كثيف الشعر؟  إن كل الثعابين لا توجد شعرة واحدة على رؤوسها!

مؤلفات الدكتور علي الوردي مجمعة برابط واحد

علي حسين محسن عبد الجليل الوردي (1913- 13 تموز 1995 م)، وهو عالم اجتماع عراقي، أستاذ ومؤرخ وعرف باعتداله وموضوعيته. حصل على الماجستير عام 1948م، من جامعة تكساس الأمريكية. حصل على الدكتوراه عام 1950م، من جامعة تكساس الأمريكية. قال له رئيس جامعة تكساس عند تقديم الشهادة له: (أيها الدكتور الوردي ستكون الأول في مستقبل علم الاجتماع). أكثر من 150 بحثا مودعة في مكتبة قسم علم الاجتماع في كلية الاداب جامعة بغداد. كان الوردي متأثرا بمنهج ابن خلدون في علم الأجتماع. فقد تسببت موضوعيته في البحث بمشاكل كبيرة له، لأنه لم يتخذ المنهج الماركسي ولم يتبع الأيدلوجيات (الأفكار) القومية فقد أثار هذا حنق متبعي الايدلوجيات فقد اتهمه القوميون العرب بالقطرية لأنه عنون كتابه" شخصية الفرد العراقي" وهذا حسب منطلقاتهم العقائدية إن الشخصية العربية متشابهة في كل البلدان العربية. وكذلك إنتقده الشيوعيون لعدم اعتماده المنهج المادي التاريخي في دراسته.