التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الفتوحات الإسلامية بصمة عار في التاريخ الاسلامي

ﻋﺟوز ﻓﻲ سمرقند تسأل فقيه جيش فتح بلادها، بعد سلب ونهب: ما الذي جاء بكم إلينا؟
الفقيه: الله أرسلنا اليكم ...
العجوز: لم أكن اعلم من قبل ان لله لصوصاً...
بهذا الاقتباس للمجدد عبد الرزاق الجبران أستذكر طفولتي , فلطالما تساءلت و أنا بعمـر الحاديه عشر عنـدما درست التاريخ الإسلامي في المدرسة لأول مره , كيـف يأمر ألله بمحاربة بلاد مسالمة وقتالها لمجرد أنها غير مسلمه وهو الذي يقول في قرآنه " لا أكراه في الدين " ؟؟ , كـيف يـجعل من السيف هو السبيل إلى الأيمان وهو الذي يقول "و ما أنت عليهم بجبار " ؟؟ , وكيف وكيف وكيف...الخ , ولطالما أرهقتني هذه التساؤلات والتناقضات التي وجدت نفـسي منجذباً إلى داخل قضبانها...لكـني حاولت دائماً أبعادها عني ....لأني كنت مقتنعا - للأسف - ان هذه التساؤلات هي صوت الشيطان في أذني !!!


ومرت السنين وكبرت أنا وكبرت تساؤلاتي، حتى طفح الكيل وقررت أن أبحث، قـررتُ أن أعرف ماهية هذه الفتوحات، كيف كانت؟ وكيف حدثت ؟؟ وكيف كـان جيش المسلمين الذي كان يـُرتل القرآن ويصوم رمضان ؟؟

فرأيت أن اغلب هذه الفتوحات كان حـروب هجومية عدائية منطلقة من شعـار " أسلم تسلم " الذي كان يـُردد على لسان قادة الجيوش الإسلامية , حـيث أن الرسول كـان يردد بدورهِ هذه العبارة كثيراً (حسب ما يزعمون) لكننا سنـبّين بوقتها كيـف تمت هذه الأدلجة على النبي , فبدءاً من حروب الرده التي قام بها ابو بكر الصديق على جماعتين من المسلمين , الأولى هي من أرتد اتباعها عن الاسلام بصوره كاملة وبدأوا بتحشيد الجيوش للنيل من السلطة الحاكمة آنذاك , والثانية هي من ارتد اتباعها عن دفع الزكاة إلى بيت المال فقـط , حيث أنهم كانوا يخرجون الزكاة لكن يوزعوه على فقرائهم , ولهذا - للأسف - تم اعتبار أن المجموعين مرتدتين وانطلقت الجيوش ضدها وسبيت نسائهم وقتلت رجالهم , رغم توجّه عدد من الصّحابة إلى ابي بكر أن يترك من امتنع عن دفع الزكاة من القبائل , وفي عـهد عمـر بن الخطاب تم إرجاع الأسرى وتحرير النساء , أما الفتوحات في عـهد عمـر للشام والعراق فهي كانت شرعية (إنسانياً) لأن أصل الجهاد كما يوضحه المفكر حسن فرحان المالكي , هو فقـط لأمرين : أما للدفاع عن الذات , أو لنصرة مظلوم , فالقبائل العربية في العراق والشام كانت مضطهده من الفرس والروم , فـحتى الان لا يوجد ما يعيب قيام أبو بكر و عمـر بمحاربتهِ تلك المجاميع باستثناء الخطأ الذي وقع به ابو بكـر لمحاربته مانعي الزكاة .

أما بالنسبة لـعثمان بن عفان , فـقد تولى الخلافة بعـد مقتل عمر بن الخطاب , و قد تـولى الخلافة وعمره 68 عاماً , و هو بهذا العمر الكبير وبالضعف الذي كان به مما جـعله يولي الكثير من أقاربه ( معاوية بن أبي سفيان في الشام , عبدالله بن عامر في البصرة , الوليد بن عقبه في الكوفة , وعبدالله بن سعد بن ابي السرح في مصـر ...الخ ) , فهذه الفترة شهدت غزوات واسـعة من قبل المسلمين على بلاد كثيره , بحجة نشر الإسلام ...حيث تم الهجوم على بلاد فارس , وتركيا و أرمينية والقوقاز وخراسان ...الخ , و أستمر هذا الاستعمار الإمبراطوري حتـى حكم الأمام علي حيث آمر بوقف هذه الفتوحات , لكـنها عادت وبشكل كبير جداً في العصر الأموي و العباسي , فانطلقت الجـيوش " الإسلامية " نحـو بـلاد ما وراء النهر والأناضول وشمال افريقيا والاندلس و القسطنطينية , وشهـدت هذه الحروب قتـل و تخريب و سرقة لأموال و ممتلكات ناس أبرياء و أخذ الرجال كعـبيد وتـم سبـي النساء , وأن يزيد قتل في معركة الحرة أكثر من اربعة الاف رجل من المدينة وتم اغتصاب الاف العذارى , والعجـيب أن هذه الجيوش كانت تهـجم و تخرب و تسبي و تقتل لنـشر سياسة ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين !!!....لكـن هذه الكـذبة الكهنوتية قـد أصبحت واضحه على كـل باحـث في الشؤون التاريخية وحتى ولو بشكل سطحي , فأن هذه الحروب لم تـكن سـوى حروب استعمارية إمبراطورية لا تمـت للنبـي و إسلامه بشيء , حيث يقول المؤرخ شاكيا عدم معرفة قدر الغنيمة (لم تحدد كميات الذهب والفضة والسبي والسلاح والخيل ومساحة البستان من كل قرية مما اخذه المسلمون) ....فـكانت حروب لزيادة خزينة الدولة ليس إلا , ولا ننسى أيضاً الجزء المفضل من هذه "الفتوحات" و هي الجواري...السبايا...مٌـلك اليمين كما يدعوها فقهـاء السلاطين , والسلاطين أنفسهم , بوصفها تشريع قـرآني ...يـدعو الله أليه قبل النبي...

هارون الرشيد أروع مثال على هذا فكما يقول التاريخ أنه كان يصلـي باليوم مئة ركعة , وكان يحج عام ويغزو عام , وله من الجواري ما يقـدّر بالآلاف حتـى قيل أنه خـصص 300 جارية للغنـاء والطرب فقـط , و أشترى يوماً جاريه بـ100 ألف درهم , و المأمون كان يقايض الخلافة على جارية أسمها عـُريب ....الخ , ولهذا فالجيوش الإسلامية لم تنطلق إلى أفريقيا بل ولم تنطلق حتى إلى الحبشة , فالسلطان لا يفضل النساء السوداوات بالتأكيد , بل هـو مغرم بنساء الأندلس...فأعـود إلى عبد الرزاق الجبران الذي لا يزال صـدى كلماته يهمـس بأذني بين حين وحين..." لا بأس أن نتصـور , يا ترى , ماذا كانت تقول تلك القوقازية الجميلة عن النبي , وهي تسير مسبية باتجاه مدينته باسم أحكامه ليستعبدوها ويبعدوها عن أهلها وحقلها وحبيب صباها , عن شمسها وارضها , لتكون جاريه في يد جلف , ميزته فقط هو أنه يصلي الخمس في عين مسجد النبي...ماذا كانت ستقول يا ترى .. مسكين النبي متهم في حياته وفي مماته "، والعجيب أن المسلمين اليوم نراهم مفـتخرين بهذه الغزوات ويـهتفون بأعلى اصواتهم بـ " الفتوحات الإسلامية " وأنا بـدوري أتساءل ...لماذا يطلقون على هذه الحروب بالـ " الفتوحات " وعلى احتلال اسرائيل لفلسطين بالاستعمار ؟؟ لماذا لا نطلق عليها " الاستعمار الإسلامي " ...رغـم أني أجد نفـسي ظالماً الاستعمار بهذه التسمية....

ونـعود إلى مسألة " أسلم تسـلم " التي كانت شعار الجيوش الإسلامية بذاك الوقت، بحجة أنها سنـة النبي !!!، ولكـن في حقيقة الأمر أن هذه العبارة " أسلم تسلم" تم اقتصاصها من رسائل النبي التي أرسلها إلى الامبراطوريات المجاورة له في فترة صلـح الحديبية، ووضعها بمعنـى معاكس لما أراده، فلو أطلعنا على نص رسالة النبي إلى هرقل ملك الروم:
" بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم جميع الأريسيِّين، ويَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُون ".

 ومن رسالة النبي إلى كسـرى ملك الفـرس:
 " بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام الله على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بداعية الله عز وجل، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت، فإن إثم المجوس عليك".
وباقي الرسائل على هـكذا منـوال , فلو قرأنا الرسائل بتأني , سنـجد أن " أسلم تسلم " لا يـريد منها الرسول معنـى العذاب الدنيوي , المتمثل بالقتل و النهب والسبي كما فعل السلاطين من بعده باسم دينه , بل كان يريد منها العذاب الأخروي , والعبارة " أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم جميع الأريسيِّين " تـؤكد ما كنت أرمي أليه , فالرسول يوضح أن الملك ان رفض الايمان فأن عليه اثم عدم ايمان شعبه , أي حسابه سيكون على يد الله وليس على يد خالد بن الوليد !!!

فالـنبي لم ينشأ إمبراطورية قط، بل المسلمين هم من فعلوا هذا، ويروى أن عمـر بن الخطاب دخل ع الرسول فوجده مستلقياً ع حصر وقد آثر الحصر في جنبه، فتأثر عمر فقال " الأ تتخذ لك فراشاً ليناً يا رسول الله؟ " فأجابه النبي " ماذا يا عمـر.... أتظنها كسرويه ؟؟ أنها نبوة لا مُـلك...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مؤلفات عبدالرزاق الجبران ( PDF )

عبد الرازق الجبران مؤسس مجلة الوعي المعاصر في مهجره دمشق بعد ظهور كتابه الأهم جمهورية النبي/عودة وجودية ظهرت معه خطى تمردية مفاجئة، وتمرده التام على الكهنوت الديني والنسق التنويري البارد، باتجاه مغاير تماما لكل وجهات الإصلاح الديني باعتماده الحل الوجودي للدين في منهجه المعرفي..وبقناعة ان التزوير لاح كل التراث بيد الكاهن....تغير معه الفقه إلى احكام مغايرة تماما لما هو مألوف.

خرافة عذاب القبر

بقلم : ياسين ديناربوس كنت فيما مضى كلما أطلقت العنان لخيالي متصورا الاحداث المسرحية لخرافة عذاب القبر التي يسردها شيوخ الكهنوت، أتوقف عند بعض الاسئلة: لماذا يطلقون على ذلك الثعبان الخرافي وصف الثعبان الاقرع؟  هل هناك ثعبان أقرع وآخر أجلع وثالث كثيف الشعر؟  إن كل الثعابين لا توجد شعرة واحدة على رؤوسها!

مؤلفات الدكتور علي الوردي مجمعة برابط واحد

علي حسين محسن عبد الجليل الوردي (1913- 13 تموز 1995 م)، وهو عالم اجتماع عراقي، أستاذ ومؤرخ وعرف باعتداله وموضوعيته. حصل على الماجستير عام 1948م، من جامعة تكساس الأمريكية. حصل على الدكتوراه عام 1950م، من جامعة تكساس الأمريكية. قال له رئيس جامعة تكساس عند تقديم الشهادة له: (أيها الدكتور الوردي ستكون الأول في مستقبل علم الاجتماع). أكثر من 150 بحثا مودعة في مكتبة قسم علم الاجتماع في كلية الاداب جامعة بغداد. كان الوردي متأثرا بمنهج ابن خلدون في علم الأجتماع. فقد تسببت موضوعيته في البحث بمشاكل كبيرة له، لأنه لم يتخذ المنهج الماركسي ولم يتبع الأيدلوجيات (الأفكار) القومية فقد أثار هذا حنق متبعي الايدلوجيات فقد اتهمه القوميون العرب بالقطرية لأنه عنون كتابه" شخصية الفرد العراقي" وهذا حسب منطلقاتهم العقائدية إن الشخصية العربية متشابهة في كل البلدان العربية. وكذلك إنتقده الشيوعيون لعدم اعتماده المنهج المادي التاريخي في دراسته.